أخيراً القانون الوضعي مع أن القانون أقدم من الشريعة، بل جاءت الشريعة من يوم نزولها بأكثر ما وصل إليه القانون الوضعي، وحسبنا أن نعرف أن كل ما يتمنى رجال القانون اليوم أن يتحقق من المبادئ موجود في الشريعة من يوم نزولها. ١٧ - لا مماثلة بين الشريعة والقانون: ونستطيع بعد أن استعرضنا نشأة القانون ونشأة الشريعة أن نقول بحق: إن الشريعة لا تماثل القانون ولا تساويه، ولا يصح أن تقاس به، وإن طبيعة الشريعة تختلف تماماً عن طبيعة القانون، ولو كانت طبيعة الشريعة من طبيعة القانون الوضعي لما جاءت على الشكل الذي جاءت به، وعلى الوصف الذي أسلفنا، ولوجب أن تأتي شريعة أولية ثم تأخذ طريق القانون في التطور مع الجماعة، وما كان يمكن أن تأتي بالنظريات الحديثة التي لم تعرفها القوانين الوضعية إلا أخيراً، بل ما كان يمكن أن تصل إلى مثل هذه النظريات إلا بعد أن تعرفها القوانين وبعد مرور آلاف من السنين. ويستطيع القارئ من استعراض تاريخ القانون وتاريخ الشريعة أن يتبين الاختلافات المتعددة بين الشريعة والقانون والمميزات الكثيرة التي تميز الشريعة عن القانون، وللقارئ أن يتقصى تلك الاختلافات وهذه المميزات إذا شاء، أما أنا فأكتفي بأن أبرز الاختلافات الأساسية والمميزات الجوهرية، لأن في الكلام عليها ما يغني عن الكلام على غيرها.
معلومات عام: العنوان: كتاب التشريع الجنائي الإسلامي مقارنا بالقانون الوضعي. المؤلف: عبد القادر عوره السنة والمكان: بيروت. عدد الاجزاء: الجزء الاول (القانون الجنائي العام) عدد الصفحات: 818 صفحة. وجيز من التقديم: بسم اللہ الرحمن الرحیم الحمد لله الذي علم الإنسان بعد جهل ، وهداه بعد ضلال ، وفقهه بعد غفلة ، ، والصلاة والسلام على محمد رسول الله الذي أرسله ربه للناس كافة بشيراً ونذيراً وهاديا ومعلما ليهلك من هلاك عن بينة ويحيى من حي عن بينة. و بعد ؛ فهذه دراسات في التشريع الجنائي الإسلامي مقارنة بالقوانين الوضعية ، وفقنى الله فيها إلى إظهار محاسن الشريعة ، وتفوقها على القوانين الوضعية ، وسبقها إلى تقرير كل المبادىء الإنسانية ، والنظريات العلمية والاجتماعية التي لم يعرفها العالم ولم يهتد إليها العلماء إلا أخيرا. وسيرى القارىء مصداق هذا القول بين دفتي هذا الكتاب ، وأرجو أن لا ينتهي من قراءته إلا وقد أصبح يعتقد بما أعتقده ، وهو أن الشريعة الإسلامية هي شريعة كل زمان ومكان. والحمد لله الذي هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله. رب أشرح لي صدري و يسر لي أمرى ، وأحلل عقدة من لساني يفقهوا قولي.
والعيب الفنى فى نصوص القانون المصرى هو التناقض الظاهر وانعدام الانسجام، فبينما المبدأ الأساسى يقوم على حماية الحياة الخاصة للأفراد إذ بالاستثناءات تقوم على إباحة الحياة الخاصة والعامة. وبينما المبدأ الأساسى هو تحريم القول الصادق والكاذب على السواء إذ ببعض الاستثناءات تبيح القول الصادق فقط، وبعضها يبيح القول الصادق والقول الكاذب معًا، وليس بعد هذا تناقض ولا اضطراب. والعيب الخلقى الاجتماعى أن القانون حين قرر حماية الحياة الخاصة للأفراد قد قضى بإفساد الحياة العامة