فيوسف الصديق اتهمته امرأة العزيز بأنه أراد أن يزني بها وكان هناك غلام في المهد، فنطق الغلام وقال: كذبت ما زنى يوسف، وليس هو الذي طلبها. وعيسى عليه السلام لما اتهمت أمه مريم بالزنا، وقالوا: زنت وفجرت، وإلا فمن أين هذا الولد؟ أنطق الله عيسى وهو رضيع، وبرأ أمه، وأما عائشة أم المؤمنين فقد برأها الله، وهذا أعظم من شهادة الطفل في المهد، وأعظم من شهادة عيسى النبي، فالله تولى براءتها. ولهذا يذكر من فضائلها: أن الله برأها في كتابه من هذه التهمة. وثانياً: أنها بنت خليفة رسول الله وصديقه. ثالثاً: أن الرسول ما تزوج بكراً إلا هي، فقد تزوج تسع نساء، وما تزوج واحدة بكراً إلا عائشة. رابعاً: من هذه الفضائل: أنه جاء جبريل بصورتها في راحته لمحمد ليتزوج عائشة ، وما كان هذا ليقع لأحد. خامساً: ومنها: أن النبي إذا جاءه الوحي كان يبتعد عنه نساؤه، و عائشة كان يأتي الوحي وهو في فراشها، وينزل عليه وهو في فراشها، وملتحف بلحافها. سادساً: من فضائلها عليها السلام: أن الرسول توفي ورأسه على صدرها. سابعاً: من فضائلها: أنه دفن في بيتها، وقبر في بيتها. هذه سبع فضائل. ثم يستسيغ شخص يدعي الإسلام ويصلي ويصوم أن يقف هذا الموقف اتباعاً للمغالطين والدجالين، وأن يقول: عائشة ارتكبت الفاحشة، ويلعنها، والعياذ بالله.
( إن الذين يرمون المحصنات الغافلات المؤمنات لعنوا في الدنيا والآخرة ولهم عذاب عظيم ( 23)) قوله - عز وجل -: ( إن الذين يرمون المحصنات) العفائف ، ( الغافلات) عن الفواحش ، ( المؤمنات) والغافلة عن الفاحشة أي: لا يقع في قلبها فعل الفاحشة وكانت عائشة كذلك ، قوله تعالى: ( لعنوا في الدنيا والآخرة) عذبوا بالحدود وفي الآخرة بالنار ، ( ولهم عذاب عظيم) قال مقاتل: هذا في عبد الله بن أبي المنافق. روي عن خصيف قال: قلت لسعيد بن جبير: من قذف مؤمنة يلعنه الله في الدنيا والآخرة ؟ فقال ذلك لعائشة خاصة. وقال قوم: هي لعائشة وأزواج النبي - صلى الله عليه وسلم - خاصة دون سائر المؤمنات. روي عن العوام بن حوشب عن شيخ من بني كاهل عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: هذه في شأن عائشة وأزواج النبي - صلى الله عليه وسلم - خاصة ليس فيها توبة ، ومن قذف امرأة مؤمنة فقد جعل الله له توبة ثم قرأ: ( والذين يرمون المحصنات ثم لم يأتوا بأربعة شهداء) إلى قوله: ( إلا الذين تابوا) فجعل لهؤلاء توبة ، ولم يجعل لأولئك توبة. وقال الآخرون: نزلت هذه الآية في أزواج النبي - صلى الله عليه وسلم - وكان [ ذلك] حين نزلت الآية التي في أول السورة ( والذين يرمون المحصنات ثم لم يأتوا بأربعة شهداء) إلى قوله: ( فإن الله غفور رحيم) فأنزل الله الجلد والتوبة.